النّهوض وحركة البشر نتاجٌ لحركة الأنبياء
بالطّبع، ليس الأمر أنّ نهوض الرّسول وقيادته يمنعان الناس من التحرّك في هذا المجال. القضيّة ليست هكذا. كما قلنا، نهوض الرّسول يؤدي إلى نهوض البشر فينهض المجتمع ويتحرّك البشر. لذلك، أمير المؤمنين [علي] (ع) في تلك الخطبة المعروفة [يقول]: «وواتر فيهم رسله ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكّروهم منسيّ نعمته… ويثيروا لهم دفائن العقول»1. يحيون دفائن المعرفة والحكمة في وجود الإنسان فيحرّكونه، ويوقظون فطرتهم النائمة ويحرّكونهم. مرّة أخرى في خطبة أخرى من نهج البلاغة، يقول (ع) حول الرّسول (ص): «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ»2. فلديه مرهم ولديه [موسم] على حد سواء… كانوا في السابق يضعون قضيباً حديدياً حامياً على الجرح عندما لا يندمل، فيلتئم الجرح بهذه الطريقة. في العربية، يسمى هذا القضيب الحديدي الذي يحمّيه الطبيب ويضعه على الجرح «الموْسم» أو «الميْسم». يقول: «قد أحكم مراهمه»، أي جهّز وأعدّ نبي الإسلام المراهم، «وأحمى مواسمه»، كما جهّز تلك المواسم اللازمة لـ«يضع حيث يحتاج» أو «حيث شاء»، حيثما كان ذلك ضرورياً ومفيداً، المرهم. وحيثما كان ذلك ضرورياً، ذلك [الموسم]. هذه الحدود التي ترونها في الإسلام – الحدود والعقوبات وما شابه – هي القضبان الحامية نفسها التي توضع على الجرح ليلتئم. هذا عن المسائل المتعلقة بالبعثة.
الهوامش:
[1]- نهج البلاغة، الخطبة رقم 1 (مع اختلاف طفيف).2- نهج البلاغة، الخطبة رقم 108 (مع اختلاف طفيف).
*من كلمة الإمام القائد السيد علي الخامنئي بمناسبة المبعث النبوي 11/3/2021