السيِّد الخامنئي وإدارة الصراع مع الكيان الصهيوني

جعفر الزنكي – البصرة الفيحاء
في قلب المعركة الدائرة اليوم بين الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني، برز اسم السيِّد علي الخامنئي ليس فقط كقائدٍ أعلى لإيران، بل كمهندسٍ استراتيجيٍ لصراع طويل النفس، متعدد الأبعاد، واسع التأثير.
الرؤية الاستراتيجية: فلسطين هي البوصلة
منذ اللحظة الأولى لتسلّمه قيادة الثورة الإسلامية، لم يتغيّر موقف السيِّد الخامنئي من الكيان الصهيوني، بل أكّد أنّ “فلسطين هي القضية الأولى”، وأنّ تحرير القدس ليس خيارًا تكتيكيًا بل واجب شرعي وتاريخي. وقد حرص على أن تكون هذه القضية في مقدمة أولويات الأمة، رغم كل المحاولات الدولية والإقليمية لطمسها أو تجاوزها.
التحوّل من المواجهة المباشرة إلى الحرب المركّبة
لم يخُض السيِّد الخامنئي الصراع مع العدو الصهيوني بمنطق المجازفة أو التهوّر، بل بإستراتيجية التراكم والتدرّج. سعى لتأسيس “محور مقاومة” يمتد من طهران إلى بغداد، ومن دمشق إلى بيروت، ومن صنعاء إلى غزة. هذا المحور، الذي وصفه البعض بـ”الهلال الشيعي” واختاره السيِّد الخامنئي أن يكون “قوس مقاومة”، بات اليوم يمثّل صداعًا دائمًا للكيان الصهيوني وواشنطن على السواء.
وقد رسّخ مبدأ “الردع المتبادل”؛ بحيث يكون كلّ عدوان إسرائيلي على محور المقاومة قابلاً للردّ بقوة، سواء من لبنان أو سوريا أو حتى من إيران نفسها، كما تجلّى ذلك بوضوح في معركة “سيف القدس” و”طوفان الأقصى” وما تلاها من تصاعد غير مسبوق في الاشتباك بين إيران والعدو الصهيوني.
الحرب النفسية والإعلامية
أدرك السيِّد الخامنئي أنّ المعركة ليست فقط بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بل هي أيضًا حرب وعي. فكان دائم التوجيه إلى ضرورة كشف جرائم العدو، وتعزيز الوعي الشعبي، ودعم الإعلام المقاوم، وفضح النفاق الغربي الداعم لإسرائيل.
الصراع الحالي: إدارة الأزمة بنَفَس القائد لا السياسي
منذ بدء المواجهة الكبرى في غزة (2023) وما تبعها من استهدافات متبادلة بين إيران والكيان، تعامل السيِّد الخامنئي مع الحدث باعتباره لحظة تاريخية مفصلية. لم ينزلق إلى قرارات انفعالية، بل أدار المشهد بتوازن بين الدعم المطلق للمقاومة، والحرص على عدم إعطاء الذريعة لحرب شاملة قد تُشغل الأمة عن أهدافها.
إيران – بتوجيه منه – دعمت المقاومة بالعتاد والموقف، ورفعت سقف التحدي السياسي والعسكري دون الوقوع في فخّ الاستنزاف، محافظًا على الجهوزية القصوى، وعلى وحدة الجبهة الداخلية.
الحسم الاستراتيجي: زوال الكيان بات قريبًا
في خطاباته الأخيرة، أكّد السيِّد الخامنئي أنّ العدو الصهيوني يعيش حالة الانهيار، وأن زواله بات “ليس أمنية بل واقعًا قادمًا”. هذه الكلمات لم تكن عاطفية، بل جاءت مدعومة بوقائع عسكرية وشعبية متراكمة، تُظهر أنّ الكيان بات محاصرًا، منهكًا، وفاقدًا للشرعية.
⸻
خلاصة الملحق:
إدارة السيِّد الخامنئي للصراع مع إسرائيل ليست ردّة فعل، بل مشروع تحرّري طويل المدى، قائم على رؤية قرآنية وعقل إستراتيجي وصبر ثوري. هو لا يخوض حربًا لحساب إيران فقط، بل لحساب الأمّة كلّها، واضعًا نصب عينيه معادلة واضحة:
“إما أن نعيش بعزّة، أو نموت شهداء.”
جعفر الزنكي – البصرة الفيحاء
⸻