كلمة توعوية حول ماهية الصراع بين إيران و”إسرائيل”
بسم الله الرحمن الرحيم
جعفر الزنكي – البصرة الفيحاء
إنَّ الصِّراعَ القائم اليوم بين الجمهورية الإسلامية في إيران والكيان الصهيوني المسمّى “إسرائيل” ليس مجرد نزاع سياسي أو تنافس إقليمي على النفوذ والمصالح، بل هو – في جوهره – صراع حضاري عميق بين قِيَمٍ عُليا ربّانية تُعبِّر عنها إيران، وقِيَمٍ سُفلية ماديّة مُنحطّة تُجسِّدها منظومة الغرب الاستعماري وعلى رأسها “إسرائيل”.
إنَّ إيران، بمشروعها الإسلامي الثوري، تُمثِّل رؤيةً متكاملة للعالَم تقوم على العدالة، والكرامة، والاستقلال، والدفاع عن المستضعفين، وتستلهم في كل خطواتها تعاليم الأنبياء وأوصياء الحق. وهي تقف شامخة في وجه منظومة الهيمنة العالمية التي تُرِيد أن تُعيد صياغة الإنسان وفق مقاييس المال والشهوة والقهر.
أمّا الكيان الصهيوني، فهو أداة الغرب الاستعماري في تفتيت المنطقة ونهب مقدّراتها وإشاعة الفساد في أوساط شعوبها. وهو يُجسِّد نموذجًا صارخًا لتحالف القوة مع الباطل، حيث تتلاشى القيم وتسود الغريزة، ويُصبح القتل والتطهير العرقي والتزييف الإعلامي من “الوسائل المشروعة” لتحقيق الأهداف.
من هنا، فإنّ هذا الصراع لا يُمكن حصره في حدود سياسية أو عسكرية، بل هو صراع وجود، صراع بين الحق والباطل، بين النور والظلام، بين الفطرة والانحراف.
ولذلك نُوجِّه رسائل ثلاثًا:
- إلى المفكرين والمثقفين:
أن يرتفعوا بمستوى الخطاب والتحليل، وأن لا يُخدعوا بالمعايير الغربية المشبوهة التي تُساوي بين الجلاد والضحية. عليهم أن يُعيدوا تصويب البوصلة، ويُسهموا في تشكيل وعيٍ حضاريٍّ يُفكِّك البنى الإعلامية والثقافية التي يُنتِجها الغرب لتبرير وجود “إسرائيل” وشيطنة إيران. - إلى الشباب:
أن يدركوا أنهم في قلب هذا الصراع، وأنهم ليسوا مُتفرِّجين على صراع بعيد، بل هم الجيل الذي سيحمل راية التغيير، وأن يتسلّحوا بالعلم، والبصيرة، والهوية، وألّا يسمحوا لأدوات الغزو الثقافي أن تنخر في شخصياتهم أو تُشوِّه قيمهم. - إلى الأمة:
أن تقف مع محور الحق، لا من باب الانتماء الطائفي أو المصلحة المرحلية، بل لأنّ المشروع الإيراني هو المشروع الأصدق في مواجهة “إسرائيل”، وهو الحصن الأخير في زمن الانبطاح والتطبيع والخيانة.
إننا اليوم أمام مفترق طرق. فإمّا أن نكون جزءًا من المشروع الإلهي في الدفاع عن الحق، أو أن نغرق في وحل المشروع الغربي الذي لا يعرف للكرامة ولا للعدالة معنى.
﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾
[الإسراء: 81]
جعفر الزنكي البصرة الفيحاء
15 ــ 6 ــ 2025