التهوّر الأمريكي وتهديد مرجعية دينية كآية الله السيد علي الخامنئي دام ظله: العواقب والانعكاسات على العالم الإسلامي

جعفر الزنكي البصرة الفيحاء
في عالمٍ يموج بالتحوّلات السياسية والصراعات الإقليمية، يبرز التهوّر الأمريكي كعامل دائم في تأجيج التوترات، لا سيما حين يتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها القيم الدينية والسياسية للمجتمعات الإسلامية. ومن أبرز مظاهر هذا التهوّر في الآونة الأخيرة، التلويح أو التهديد المباشر لمرجعية دينية كبرى كآية الله العظمى السيد علي الخامنئي، وهو ليس فقط القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل يُعَد من أبرز المراجع الدينية في العالم الإسلامي الشيعي.
المرجعية الدينية: قدسية تتجاوز الحدود السياسية
تهديد شخصية دينية بهذا الثقل لا يُقرأ في الإطار الإيراني فقط، بل يُعتبر تهجماً على المنظومة القيمية التي يستند إليها ملايين المسلمين، خصوصاً أتباع المذهب الشيعي في إيران والعراق ولبنان والخليج وسائر دول العالم الإسلامي. فمكانة المرجع الديني تتجاوز حدود الدولة، إذ يمثل صوتاً للعقيدة، وموجهاً روحياً وسياسياً للمجتمعات، وأي مساس به يُعدّ إهانة للأمة الإسلامية جمعاء.
التهوّر الأمريكي: حسابات ضيقة ونتائج خطيرة
التهديدات الأمريكية، سواء كانت مباشرة أو عبر تسريبات استخباراتية أو حملات إعلامية، لا تعبّر فقط عن سياسة عدائية تجاه إيران كدولة، بل عن نزعة استعمارية تستسهل استهداف الرموز الدينية والسيادية للدول المستقلة. هذا النوع من السلوك يُظهر انفصالاً واضحاً عن إدراك طبيعة المجتمعات الإسلامية وردود فعلها العاطفية والعقائدية العميقة.
إن أي تصعيد في هذا الإطار قد يُفجِّر غضباً شعبياً واسعاً، لا يقتصر على الإيرانيين فحسب، بل يشمل ملايين المسلمين الذين يرون في السيد الخامنئي رمزاً للمقاومة والكرامة الإسلامية في وجه الغطرسة الغربية والصهيونية.
الانعكاسات على العالم الإسلامي
- توحيد الجبهة الإسلامية المقاومة: أي تهديد لمرجعية دينية بحجم آية الله الخامنئي قد يُفضي إلى تماسك أكبر بين قوى المقاومة في العراق ولبنان واليمن وفلسطين، ويعجّل في تفعيل تحالفات إقليمية تتجاوز حتى الخلافات العقائدية لمواجهة الخطر المشترك.
- تصاعد روح الغضب والرفض الشعبي: الشعوب الإسلامية بطبعها لا تتحمّل المساس بمقدساتها ورموزها الدينية، وقد يشهد العالم الإسلامي موجة احتجاجات واسعة وربما موجات عنف يصعب ضبطها.
- تآكل صورة الولايات المتحدة أكثر: التهديدات التي تطال القيادات الدينية تضرب مصداقية واشنطن في زعمها الدفاع عن “حقوق الإنسان” و”حرية الأديان”، وتزيد من نفور المجتمعات الإسلامية منها.
- تعزيز الروح الثورية في الداخل الإيراني: أي تهديد خارجي، خصوصاً عندما يطال القيادة العليا، يقوي من تماسك الداخل ويمنح النظام الإيراني شرعية شعبية إضافية باعتباره في مواجهة تهديد خارجي وجودي.
الخاتمة
إن التهوّر الأمريكي المتكرّر في التعامل مع القضايا الحساسة في العالم الإسلامي يهدد بزعزعة الاستقرار، ويُظهر عجزاً عن فهم الديناميكيات الثقافية والدينية التي تحكم هذه المجتمعات. تهديد شخصية كآية الله الخامنئي ليس مجرد تصعيد سياسي، بل هو استفزاز مباشر للأمة الإسلامية بأسرها. وعلى واشنطن أن تعي أن اللعب بالنار مع المرجعيات الدينية قد يشعل نيراناً لن تُطفأ بسهولة، وقد يفتح أبواباً لصراعات لا يمكن لأحد التنبؤ بمداها أو مآلاتها.
جعفر الزنكي البصرة الفيحاء