ايران والانتصار الإقليمي : كسر الهيمنة وصناعة التوازن الجديد

محمد علي آل فاخر
في مشهد جيوسياسي متغير، تمكّنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من تحقيق ما يُمكن وصفه بـ”الانتصار التاريخي” على الكيان الصهيوني، ليس فقط على صعيد المواجهة المباشرة، بل في ترسيخ حضورها الإقليمي وتعزيز مكتسباتها في مجالات متعددة. هذا الانتصار لم يكن وليد لحظة، بل جاء نتيجة تراكمات استراتيجية امتدت لعقود، نجحت فيها إيران في إدارة معركة الإرادات والصمود، مقابل منظومة إسرائيلية رهنت أمنها بالتحالفات الغربية والدعم الأميركي. فعلى صعيد المكتسبات العسكرية مثلاً
إثبتت إيران قدرة الردع الإقليمي حيث نجحت في كسر التفوق العسكري الإسرائيلي عبر تطوير ترسانة صاروخية وبالستية متقدمة، أثبتت فاعليتها في الردع، سواء عبر القوات النظامية دون الاعتماد على الحلفاء مايشكل منعة حديدية لأمن الجمهورية الإسلامية القومي خصوصاً وأن استمرار المعركة قد تتعدى الحدود وتفتح جبهات أخرى فقد
أصبح واضحاً أن أي مواجهة مع إيران لن تكون موضعية، بل ستمتد لتشمل جبهات عديدة، من غزة إلى الجنوب اللبناني، ومن سوريا إلى اليمن. هذا الامتداد خلق “حزام مقاوم” يفرض معادلات جديدة على الأرض، ويجعل الكيان الصهيوني محاصراً بتهديد دائم.
المهم في الأمر هو فشل القبة الحديدية
خلال جولات التصعيد، برز عجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية عن صد موجات الصواريخ الدقيقة والمجنحة، مما شكّل إحراجاً كبيراً لتل أبيب، وكشف هشاشة أمنها الداخلي أمام تكتيكات غير تقليدية ناهيك عن فشل المنضومات الدفاعية الاخرى التي انضمت إلى التصدي لعظمة الصواريخ الإيرانية.
أما على صعيد لمكتسبات السياسية
فقد اعطى هذا الانتصار تعزيز شرعية “محور المقاومة”
بل أن هذه الانتصارات الميدانية منحت إيران زخماً سياسياً كبيراً في الداخل والخارج، ورفعت من مكانتها كقوة مركزية تدافع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ما جعلها محط احترام وتقدير شعبي واسع في العالمين العربي والإسلامي.
وفي ظل تراجع الهيبة الإسرائيلية
لأول مرة منذ عقود، شهد الرأي العام العالمي صوراً لانهيار الأمن الإسرائيلي، وتراجع قدرة تل أبيب على الحسم، ما أضعف صورتها كقوة لا تُقهر، وزاد من الضغوط الدولية عليها في المحافل الأممية هذا الأمر أدى الى تقارب استراتيجي مع قوى كبرى
حيث عززت إيران من تحالفها مع روسيا والصين، وفتحت قنوات دبلوماسية فعالة مع دول أخرى متضررة من الأحادية الغربية، مما زاد من وزنها الدولي وأفقد إسرائيل هامش المناورة السياسي الذي كانت تتمتع به.
هذا الإنتصار سوف يؤدي إلى كسر الحصار بطرق مبتكرة
فرغم العقوبات الغربية، أثبتت إيران قدرتها على إيجاد بدائل اقتصادية، عبر توسيع شبكة تبادلها التجاري مع دول كبرى خارج المنظومة الغربية، وتعزيز التجارة مع العراق وتركيا وآسيا الوسطى خصوصاً على صعيد الاقتصاد المقاوم
فقد طوّرت إيران نموذج “الاقتصاد المقاوم”، والذي يقوم على الاكتفاء الذاتي وتوطين الصناعات، ما خفف من تأثير العقوبات وساهم في خلق بنية تحتية قوية تحمي البلاد من الهزات الاقتصادية.
ونتيجة الصمود السياسي والعسكري، بدأت بعض الدول الغربية تتلمّس ضرورة إعادة النظر في سياساتها تجاه إيران، ما فتح الباب تدريجياً أمام عودتها للأسواق العالمية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا.
ومابين هذا وذاك أثبتت إيران أن
الانتصار لم يكن مجرد ضربة عسكرية أو نجاح سياسي عابر، بل هو تحوّل استراتيجي في موازين القوى الإقليمية. لقد أرست طهران معادلة جديدة مفادها أن زمن الهزائم قد ولى، وأن الكلمة في هذه المنطقة أصبحت لمن يصمد، لا لمن يراهن على حماية الآخرين. وما بين القوة العسكرية والتأثير السياسي والانفتاح الاقتصادي، أثبتت إيران أنها لاعب لا يمكن تجاهله في صياغة مستقبل المنطقة.
محمد علي ال فاخر البصرة الفيحاء