مقالات وبحوث

عندما يُصبح التذكير بالحق تهمة الشيخ الأنصاري بين منابر الهوى وسهام الحقد

وضوح الرؤية، وجرأة الطرح، والثبات على الموقف من الصفات التي لا تجتمع إلا في القلائل من الرجال. فكم من مستوضح متردد، وكم من ثابت ضال، وكم من جريء في الطرح متقلب المواقف. والشيخ مصطفى الأنصاري (رعاه الله) كان من أولئك القلائل الجامعين لتلك الصفات، لا تأخذه في الله لومة لائم بالنطق في الحق.

فلا عجب أن يكون مرمىً لسهام الحاسدين والجاهلين والطامعين والخائفين. ومع الأسف، كانت صفحة “إكسير الحكمة!!” من بين أولئك الرماة، فوجهت سهامها نحو الشيخ المبجل بحجة الدفاع عن حياض الدين وشريعة سيد المرسلين. ولست أدري ما الذي دعاهم إلى ذلك؟ حيث إننا ننزههم عن الجهل والطمع بما يقدمه مشروع الاستكبار على موائده.

أهو حسد القائمين على تلك الصفحة حينما يرون العلم يفيض من ثنايا كلمات الشيخ المبجل، في الوقت الذي يكونون فيه مغمورين ومجهولين، مع أن بعضهم ممن يدّعي الفضيلة العلمية؟

أم هو الخوف، لأنهم يتبنون منهجًا في الاجتماع والإدارة والسياسة والعلوم الدينية يتنافى مع المنهج الذي يتبناه الشيخ، والذي يختصره حفظه الله بمنهج الإمام روح الله الموسوي الخميني (عليه أعلى الله مقامه)؟ وحق لهم أن يخافوا، لما نشهده من تنامي هذا الاتجاه في الوسط الشيعي، بل في العالم الإسلامي، في ظل انكشاف زيف التضليل الذي مارسه الغرب ضد هذا الخط المتمثل برؤية الإمام الخميني وخليفته الإمام الخامنئي (قائد الثورة الإسلامية). فكان الحري بمديري تلك الصفحة أن يُبيّنوا موقفهم من تلك الملفات من دون توهين الشيخ، وبطريقة يسلكها هو: “ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”، خصوصًا مع انفتاح باب الاجتهاد، وأن كل مقلّد له أن يتبع مرجعه الواجد للشروط فيما لا يتمكن من الوصول إلى رأيه فيه.

وسنُبيّن في هذه السطور الرد على ما جاء في كلمات تلك الصفحة المسماة “إكسير الحكمة”.

قالت “إكسير الحكمة” فيما دونته عن فيديو سماحة الشيخ :

لا يوجد وصف لهذا الفيديو غير (طرغاء) !!
ابن عربي – إمام المتصوفة – تالي المعصومين درجةً عند الله !!!
ردّنا على هذه (الطرغاء) !!
ابن عربي تالي المعصومين درجةً !!
خرج علينا هذا الأخ في بودكاست متحدثًا عن عدة قضايا، والكثير من كلامه مخالف لكلام أهل البيت (ع) الوارد في تلك القضايا !!
ومن ضمن حديثه هو التعظيم من شأن إمام المتصوفة ابن عربي ويصفه بالشيخ الأكبر!!
ونقل كلمةً – وقد يتبنّاها المتحدث – عن السيد القاضي وهي أن ابن عربي يأتي بعد المعصومين درجةً عند الله تعالى، علماً أن أحفاد السيد القاضي قد أعلنوا أن الكثير من الكلام المنسوب لجدّهم مكذوب عليه!!”

أقول :

أولاً : إن الطريقة الدعائية التي انتهجها صاحب المقال، بإيهام المتلقي بأن سماحة الشيخ هو صاحب مقولة “ابن عربي تالي المعصومين درجةً”، عن طريق جعلها عنوانًا للفيديو، هذه الطريقة التي تتعمد التزييف من خلال غرس الفكرة في ذهن المتلقي بالصورة المرئية، ثم محاولة التملص عن الإدانة بها في نص الخطاب بقوله: “ونقل كلمةً – وقد يتبنّاها المتحدث – عن السيد القاضي…”، هي طريقة فجة ورخيصة، تستعملها قنوات التضليل من أمثال “العربية” ومن على شاكلتها. فهل الكاتب من المتلمذين على أساتذة قنوات “العربية”؟!

ثانيًا : عندما نقل الشيخ الكلمة، نقلها عن تلامذة السيد علي القاضي – ولو بالواسطة – أمثال السيد محمد حسين الطهراني، العارف والفقيه المعتمد، وغيره. فهو نقل لقول مخصوص من ناقل إمامي عدل معروف. بينما نجد أن صاحب المقال حاول نفي ذلك بالاعتماد على ناقل غير معروف (أحفاد السيد القاضي)، الذين كانوا صغارًا في حياة السيد القاضي، وربما وُلد بعضهم بعد وفاته. كما أن النفي الذي استند إليه من كلام الأحفاد نفي إجمالي: “أن الكثير من الكلام المنسوب لجدّهم مكذوب عليه”، فلا نعلم إن كان ما نقله الشيخ عن السيد القاضي من ذلك “الكثير” المنفي، أم من “القليل” المتبقي غير المنفي.

وهذا ينتهي بنا إلى أن كلام الأحفاد بنقل الكاتب لا يصلح لمعارضة كلام تلامذة السيد القاضي الذي ينقله الشيخ (رعاه الله)، لوضوح أن الخبر المجمل الذي ينقله غير معلوم الوثاقة ليس بشيء في مقابل خبر الثقة الواضح. ولا أظن أن صاحب المقال يجهل ذلك، ولكن… (أترك التعليق للقارئ).

ثالثًا : لا أدري، هل الحفاظ على مقام الأئمة وتعظيم ابن عربي بجعله تاليًا لهم هو “الطرغاء”، أم أن “الطرغاء” هو ما قام به بعض أساتذة الحوزة – ممن تنتمي إليهم الصفحة – من توهين الإمامة وجعلها أقل أهمية من الصلاة والصوم، حينما قال ما مضمونه:

إذا فُرض وقوع التزاحم بأن يضطر الشخص إلى أن يعيش في بيئة يزول فيها اعتقاده بالولاية – بقصور لا بتقصير – أو أن يعيش في بيئة يخشى فيها أن يؤثر في سلوكه العملي فيترك الصلاة والصوم – بقصور لا بتقصير – فإنه قد يستفاد من أحاديث دعائم الإسلام العملية (الصوم والحج وغيرها) أنها أهم من الولاية

وأي “طرغاء” مثل هذه “الطرغاء” ؟! الولاية التي هي شرط قبول الأعمال تكون أقل أهمية من العمل نفسه ؟! الولاية التي خاطب الله نبيه بأن عدم التبليغ بها يهدم كل ما سبق تبليغه من الرسالة، والتي منها دعائم الإسلام العملية، تكون أقل أهمية من تلك الدعائم؟! ومع ذلك سكتت “إكسير الحكمة” ولم تنبس ببنت شفة. لماذا يا ترى؟!

رابعًا : هناك قسم من علماء الطائفة المحقة قد ولجوا أعماق البحوث الفلسفية والعرفانية، من أمثال: السيد الإمام الخميني، والسيد محمد حسين الطباطبائي، والسيد محمد حسين الطهراني، والسيد علي القاضي، والسيد أحمد الكربلائي، والسيد حيدر الآملي، والسيد عبد الأعلى السبزواري، وصدر الدين الشيرازي، والقاضي نور الله التستري وغيرهم. وهم منقسمون بالنسبة إلى ابن عربي إلى ثلاث آراء:

  1. أن ابن عربي كافر زنديق، وهذا ما يتبناه السيد عبد الأعلى السبزواري حسب ما نقل عن ابنه آية الله السيد علي عبد الأعلى السبزواري (وهو مما لم يتأكد لدي).
  2. أمره موكول إلى الله، ولا شأن لنا به، وإنما المهم أن ننظر فيما قال، لا في القائل، وأن بعض ما قاله عميق ودقيق.
  3. أنه شيعي، وفي أعلى مراتب القرب الإلهي المتاحة لغير المعصوم، وهذا ما تبناه السيد القاضي بحسب نقل تلامذته، والسيد هاشم الحداد، والسيد محمد حسين الطهراني، والقاضي نور الله التستري، والسيد حيدر الآملي.

فنجد أن القاضي نور الله التستري يصف ابن عربي بأنه “شيخ الموحدين”، قال في “إحقاق الحق وإزهاق الباطل”، الجزء 3، صفحة 212:

ويؤيد ما ذكره ناصر الشيعة ما ذكره شيخ الموحدين في الباب السادس والستين بعد ثلاثمائة من كتاب الفتوحات المكية عند ذكر صفات المهدي على آبائه وعليه آلاف التحية والثناء وعلامات ظهوره عليه السلام، حيث قال: اعلم أيدنا الله أن الله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا فيملؤها قسطًا وعدلاً، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة، يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله، جده الحسين بن علي

فيا “إكسير الحكمة”، كون الشيخ مصطفى الأنصاري ممن يتبنون أن ابن عربي في أعلى مراتب القرب، وتالي المعصومين، ليس أمرًا مبتدعًا لم يسبق إليه أحد من أعلام الطائفة وجهابذتها، ولم يخرج بذلك من الملة. بل القول المبتدع هو توهين الولاية، وجعلها أقل أهمية من الصلاة والصوم. فما لكم كيف تحكمون؟!

ثم قال صاحب المقال :

ويقول الشيخ المتحدث : إن بعض المعارف الدينية لم يفهمها علماؤنا إلا من خلال نظريات ابن عربي !!

أقول :
يكفي لإثبات ذلك مطالعة ما جاء في “الأسفار” وشهادة الشيخ حسن زادة (رحمه الله) – وهو المتخصص في هذا المجال – التي مضمونها أن “الأسفار” شرح برهاني لأفكار ابن عربي، وكل الأمور المتعلقة بالإلهيات بالمعنى الأخص لم تتضح إلا بما جاء به صدر المتألهين. ويبدو أن صاحب المقال ليس من أهل هذا الميدان، فلا علم له بتلك المعارف التي تم فهمها على ضوء ما جاء به صدر المتألهين الشارح لأفكار ابن عربي.

ثم قال :
وفي الأخير يقول : إن بعض الإخوة يرفضون ابن عربي ونتاجاته العظيمة لأنه يمدح فلانًا أو فلانًا (طبعًا فلان أو فلان ممن ظلم أهل البيت وغصب حقوقهم)!!”

أقول :
نعم، قال ذلك، وليس هذا إلا ما دعا إليه القرآن: “فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه”، ودعا إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: “لا تنظر إلى من قال، انظر إلى ما قال”.

ثم قال كاتب المقال :

فيا شيخنا.. إذا كان موالياً لأعداء أهل البيت (ع)، كيف تواليه وتروّج له وتصفه بالتعظيم والإكبار؟!
وكيف تروج للتصوّف وقد لعن الأئمة (ع) المتصوفة؟!
وقد أثنى أيضًا على كتاب ابن عربي المسمى بالفتوحات المكية، الذي سننقل لكم بعض الانحرافات في هذا الكتاب.
طبعًا، الأخ المتحدث معجب جدًا بالصوفية، وله كلام في مدحهم وذم المعترضين عليهم، بينما إجماع الإمامية تبعًا للمعصومين (ع) على ذم الصوفية ولعنهم.”

أقول :

أولاً : لا يخفى ما في هذا الكلام من التدليس. حيث يرى السيد حيدر الآملي – وهو من كبار العلماء – أن التصوف والتشيع يمثلان جانبين لشيء واحد. وسيتضح لاحقًا أن “الصوفي” له معنيان، وأن المذموم هو أحدهما.
فيقول السيد حيدر الآملي (ره) في كتابه “جامع الأسرار ومنبع الأنوار”، الجزء 1، صفحة 41:
فنقول: اعلم أن الفرقة الإمامية على قسمين: قسم قائم بظاهر علومهم، وقسم قائم بباطن علومهم، التي هي عبارة عن الطريقة والحقيقة والإيقان. والأول موسوم بالمؤمن فقط، والثاني بـ”المؤمن الممتحن”، والشيعة والصوفية عبارة عنهما، لأن الشيعي والصوفي اسمان متغايران يدلان على حقيقة واحدة، وهي الشريعة المحمديّة

وقال في “جامع الأسرار ومنبع الأنوار”، الجزء 1، صفحة 615:

“وشرف الطائفتين المذكورتين (أي الشيعة الإمامية والصوفية) ومنزلتهما، بل حقيقتهما، هو بأنهما حاملا أسرار الأنبياء والأولياء – عليهم السلام – ظاهرًا وباطنًا، لأن الأنبياء والأولياء كانوا جامعين لجميع الأسرار الإلهية ظاهرًا وباطنًا. فالشيعة قاموا بحمل أحكامهم وأسرارهم بحسب الظاهر والشريعة، والصوفية قاموا بحمل أسرارهم وحقائقهم بحسب الباطن والحقيقة، وإن كانت الصوفية بالحقيقة أيضًا هي الشيعة، كما عرفته عند بحث المؤمن الممتحن وغير الممتحن.”
ثانيًا : حكمك على ابن عربي بأنه موالٍ لأعداء أهل البيت لا يعدو أن يكون حكمًا اجتهاديًا منك، أو تقليدًا لغيرك، لما تقدّم من اختلاف علماء الطائفة في تشيعه. فلغيرك أن يجتهد ويتبنى تشيعه، أم أن بائك تجر وباء غيرك لا تجر؟! بل نجد أن بعض علماء العامة ينسبونه إلى المغالاة في تولي أمير المؤمنين، فقد ورد في كتاب “ذيل مرآة الزمان” لليونيني (أبو الفتح)، ج2، ص441:
“ثم جرى بيني وبين الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمه الله الحديث في مثل ذلك، فذكر ما معناه أن قاضي القضاة بهاء الدين يوسف ابن محيي الدين المذكور حكى له أن والده أخبره أنه رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام بجامع دمشق، وهو مستند إلى عمود من عمد الجامع، قال محيي الدين: فسلمت عليه فأعرض عني، فقلت له: يا أمير المؤمنين، أنا ابن عمك، فقال: صدقت، ولكنكم ما اتقيتم، أو ما هذا معناه؟ فاستيقظ قاضي القضاة محيي الدين رحمه الله وتلبس بالمغالاة في حب علي رضوان الله عليه وتفضيله، ونظم قصيدة طويلة مدحه بها، منها:
أدين بما دان الوصي ولا أرى … سواه وإن كانت أمية محتدي
ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت … وساء بني حرب هنالك مشهدي
لكنت أسن البيض عنهم مواضياً … وأروى أرماحي ولما تقصد
وأجلبها خيلاً ورجلاً عليهم … وأمنعهم نيل الخلافة باليد

وأروق لي التعريف بالسيد حيدر الآملي (ره) لتتضح مكانته، أعلى الله مقامه.

جاء في “رياض العلماء وحياض الفضلاء”، ج2، ص218 وما بعدها (ننقل مواضع الحاجة):

“السيد حيدر بن علي بن حيدر بن علي العلوي الحسيني الآملي المازندراني الصوفي المعروف بالآملي، كان من أفاضل علماء الصوفية، وقد كان إمامي المذهب… وقد ذكره القاضي نور الله في مصائب النواصب وقال في مدحه: إنه من أصحابنا الإمامية المتألهين، وانه السيد العارف المحقق الأوحدي، وانه من علماء الشيعة، وله كتاب جامع الأسرار ومنبع الأنوار وشرح الفصوص… وقد رأيت على بعض نسخ جامع الأسرار نقلاً عن خط الشيخ البهائي أنه كتب عليها ما هذه صورته: «الذي أظن أن هذا الكتاب تأليف السيد الجليل السيد حيدر المازندراني رحمه الله، وله تفسير كبير بلسان الصوفية يدل على علو شأنه وارتفاع مكانه»… وقد وصف الشيخ الفقيه الفاضل محمد بن أبي جمهور في شرح بعض الرسائل الكلامية هذا السيد بالسيد العلامة صاحب الكشف الحقيقي، ويظهر من شرحه على الفصوص المذكور ومن تفسيره وتأويلاته ومن كتاب جامع الأسرار ومنبع الأنوار له علو مرتبته في العلوم الظاهرية والباطنية.”

تعريف السيد المرعشي النجفي بالسيد حيدر الآملي** (المصدر: كتاب “معرفة الله” للسيد محمد حسين الطهراني، ج3، هامش ص20، بتصرف):

كتب العلامة الحجة المرعشي النجفي على ظهر النسخة الخطية من تفسير “المحيط الأعظم” والمكتوبة بخط المؤلف السيد حيدر الآملي، والموجودة والمحفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم، واصفًا تلك النسخة ومؤلفها بما يلي:

“كتاب «المحيط الأعظم» في تفسير القرآن الكريم، من تأليف العلامة الفقيه والمحدث الحكيم والمتأله المتكلم والعارف الأديب السيّد أبي محمد ركن الدين حيدر بن تاج الدين عليّ پادشاه… ابن حمزة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام سيّد الساجدين عليه السلام. وقد تلقّى العلوم الرسمية والمقدمات من أبيه وعلماء آمل، فأخذ العرفان عن الشيخ عبد الرحمن القدسي، والفقه عن فخر المحققين ابن العلامة، الذي كان يخاطبه باسم «زين العابدين»، وقد روى السيّد حيدر عنه بإجازة منه، وتوجد صورة تلك الإجازة في الكتاب المذكور، وقد عبّر عنه الشيخ في إجازته له بالعبارات التالية :

السيّدُ الأعظم، الإمامُ المُعظّم، أفضلُ العلماءِ في العالَم، أعلمُ فُضلاءِ بني آدَم، مُرشدُ السالكين، غِياثُ نفوسِ العارفين، مُحيي مَراسمِ أجدادِه الطاهرين، الجامعُ بين المعقولِ والمنقول، والفروعِ والاصول، ذو النفسِ القُدسيّة، والأخلاقِ النبويّة، شَرفُ آلِ رسولِ ربِّ العالَمين، أفضلُ الحاجّ والمعتمِرين، المَخصوصُ بعنايةِ ربِّ العالمين، ركنُ الملّة والدين – إلى آخره
وقد كُتبت هذه الإجازة على ظهر صفحة “جوامع الجامع” للطبرسي، والذي قرأه السيّد على فخر الدولة، وكان تاريخ الإجازة سنة 761 في الحلّة.

ثم قال صاحب “إكسير الحكمة :

الآن سننقل لكم شيئًا من انحرافات ابن عربي من كتابه الفتوحات الذي أعجب به الشيخ المتحدث، ثم ننقل قول أهل البيت (ع) في المتصوفة :
بعض انحرافات ابن عربي
أ. الشيعة خنازير!!
قال ابن عربي :
“… ومنهم من لا يبقى عليه شيء من ذلك، وكان هذا الذي رأيته قد أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة، فكان يراهم خنازير، فيأتي الرجل المستور الذي لا يعرف منه هذا المذهب قطّ، وهو في نفسه مؤمن به يدين به ربه، فإذا مرّ عليه يراه في صو رة خنزير، فيستدعيه ويقول له: تُبْ إلى الله، فإنك شيعيٌّ رافضيّ، فيبقى الآخر متعجبًا من ذلك، فإن تاب وصدق في توبته رآه إنسانًا، وإن قال له بلسانه: تبتُ وهو يضمر مذهبه لا يزال يراه خنزيرًا، فيقول له: كذبتَ في قولك: «تبتُ»، وإذا صدق يقول له: صدقتَ، فيعرف ذلك الرجل صدقه في كشفه، فيرجع عن مذهبه ذلك الرافضي. ولقد جرى لهذا مثل هذا مع رجلين عاقلين من أهل العدالة من الشافعية، ما عرف منهما قطّ التشيُّع، ولم يكونا من بيت التشيُّع، أدّاهما إليه (يعني التشيّع) نظرهما، وكانا متمكّنين من عقولهما، فلم يظهرا ذلك، وأصرّا عليه (يعني التشيّع) بينهما وبين الله، فكانا يعتقدان السوء في أبي بكر وعمر ويتغالون في عليٍّ، فلما مرّا به، ودخلا عليه، أمر بإخراجهما من عنده، فإن الله كشف له عن بواطنَهما في صورة خنازير، وهي العلامة التي جعل الله له في أهل هذا المذهب، وكانا قد علما من نفوسهما أن أحدًا من أهل الأرض ما اطّلع على حالهما، وكانا شاهدين عدلين مشهورين بالسُّنّة، فقالا له في ذلك، فقال: أراكما خنزيرين، وهي علامة بيني وبين الله في من كان مذهبه هذا، فأضمارا التوبة في نفوسهما، فقال لهما: إنكما الساعة قد رجعتما عن ذلك المذهب، فإني أراكما إنسانين، فتعجّبا من ذلك، وتابا إلى الله…” [الفتوحات، ج2، ص8].
ب. فرعون مات مؤمنًا !
قال :
“فصار الموت فيه شهادة خالصة بريئة لم تتخللها معصية، فقبض على أفضل عمل، وهو التلفّظ بالإيمان، كل ذلك حتى لا يقنط أحد من رحمة الله، والأعمال بالخواتيم، فلم يزل الإيمان بالله يجول في باطنه وقد حال الطابع الإلهي الذاتي في الخلق بين الكبرياء واللطائف الإنسانية، فلم يدخلها قط كبرياء” [الفتوحات، ج2، ص276].
ويقول:
“فقد شهد الله لفرعون بالإيمان، وما كان الله ليشهد لأحدٍ بالصدق في توحيدِه إلا ويجازيه به، وبعد إيمانه فما عصى، فقبله الله إن كان قبله طاهرًا، والكافر إذا أسلم وجب عليه أن يغتسل، فكان غرقُه غسلًا له وتطهيرًا” [الفتوحات، ج2، ص410].
ويقول أيضًا :
“فآمن فرعون وتذكر وخشي كما أخبر الله، وأثر فيه لين قول موسى وهارون، ووقع الترجي الإلهي كما أخبر، فهذا يدلك على قبول إيمانه؛ لأنه لم ينص إلا على ترجي التذكر والخشية” [الفتوحات، ج2، ص412].
ج. عمر بن الخطاب معصوم !!
قال ابن عربي :
“لمن عمل منا بما شرع الله له، إن الله يعلّمه ويتولّى تعليمَه بعلوم أنتجتها أعماله.
قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وقال: {إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}.
ومن أقطاب هذا المقام عمر بن الخطاب وأحمد بن حنبل.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في عمر بن الخطاب، يذكر ما أعطاه الله من القوة: «يا عمر، ما لقيك الشيطان في فجٍّ إلا سلك فجًّا غير فجك». فدلّ على عصمته بشهادة المعصوم، وقد علمنا أن الشيطان ما يسلك قطّ بنا إلا إلى الباطل، وهو غير فج عمر بن الخطاب.
فما كان عمر يسلك إلا فجاج الحق بالنص، وكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم في جميع مسالكه، وللحق صولة. ولما كان الحق صعب المرام قويًّا، حمله على النفوس التي لا تحمله ولا تقبله، بل تمجّه وتردّه.
لهذا قال صلى الله عليه وسلم: «ما ترك الحق لعمر من صديق»، وصدق صلى الله عليه وسلم، يعني في الظاهر والباطن.
أما في الظاهر: فلعدم الإنصاف، وحب الرئاسة، وخروج الإنسان عن عبوديته، واشتغاله بما لا يعنيه، وعدم تفرّغه لما دُعي إليه من شغله بنفسه وعيوبه عن عيوب الناس.
وأما في الباطن : فما ترك الحق لعمر في قلبه من صديق، فما كان له تعلّق إلا بالله.” [الفتوحات، ج1، ص200]

هذا والكثير من الانحرافات التي سوف نطلعكم على الكثير منها إن شاء الله تعالى.”

أقول :

أولًا : إن نقل هذه الموارد مما يثير العجب؛ حيث إن الشيخ حفظه الله صرح في اللقاء بما مضمونه: “انظروا إلى كتبه وخذوا ما يفيد واتركوا الباطل منه”. أم أن الغاية هي التسقيط فحسب؟

ثانيًا : هذه الكلمات كانت بمرأى السيد حيدر الآملي والقاضي التستري وغيرهم، ولم تشكل عائقًا من ذهابهم للحكم بتشيعه. فالأمر مرهون باجتهاد الشخص ونظره في الكلمات وما يجتمع عنده من القرائن.

ثم استمر صاحب المقال في كلامه :

“2. التصوف والمتصوفة في ميزان أهل البيت (ع) “
أئمة أهل البيت (ع) لعنوا التصوف والمتصوفة، ولا يلتقي الفكر الصوفي مع الفكر الإمامي لمكان انحرافه وابتعاده عن المنهج القويم، فقد روى الحسين بن أبي الخطاب قال: كنت مع أبي الحسن الهادي (ع) في مسجد النبي (ص) فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري، وكان بليغًا وله منزلة مرموقة عند الإمام عليه السلام، وبينما نحن وقوف إذ دخل جماعة من الصوفية المسجد فجلسوا في جانب منه، وبدأوا بالتهليل، فالتفت الإمام إلى أصحابه فقال لهم:
«لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنهم حلفاء الشياطين، ومخربو قواعد الدين، يتزهدون لإراحة الأجسام، ويتهجدون لصيد الأنعام، يتجرعون عمرًا حتى يديخوا للأيكاف(¹) حمرًا، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقلّلون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاف قلب الأفناس (²)، يتكلّون الناس بإملائهم في الحبّ ويطرحونهم بأداليلهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنّم والتغنية، فلا يتبعهم إلا السفهاء، ولا يعتقد بهم إلا الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حيًا أو ميتًا، فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، ومن أعان واحدًا منهم فكأنما أعان معاوية ويزيد وأبا سفيان..»
«وإن كان معترفًا بحقوقكم؟»
فزجره الإمام وصاح به قائلًا :
«دع ذا عنك، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أنهم أخسّ طوائف الصوفية، والصوفية كلهم مخالفونا، وطريقتهم مغايرة لطريقتنا، وإن هم إلا نصارى أو مجوس هذه الأمة، أولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون..»” سفينة البحار، ج5، ص191.

أقول :

أولًا : لم يرد في الرواية “فزجره وصاح به”، وإنما الوارد “فنظر إليه شبه المغضب”.

ثانيًا : على صعيد اللغة، توجد ظاهرة تغيّر وتعدد معاني الألفاظ: وهي أن الألفاظ لا تحتفظ دائمًا بمعناها الأول، بل قد يكون للفظ معنى، ثم بامتداد الزمان ولأسباب معينة يتغير معناه، فيصبح للفظ أكثر من معنى (مشترك)، أو يستقر في المعنى الجديد ويهجر المعنى القديم (ويسمى حينئذٍ باللفظ المنقول). كلفظ “الصلاة” الذي معناه الدعاء، ولكن معناه الآن هو الأفعال المخصوصة التي يأتي بها المسلم كل يوم خمس مرات. وكذلك “الحج” معناه اللغوي القصد، ولكن نُقل إلى معنى العبادة الموسمية المخصوصة في الإسلام.

ولذا نبه علماء الطائفة على ضرورة تحديد المعنى المقصود في مقام الاستنباط، وحملوا أغلب الألفاظ الواردة في القرآن الكريم (الصوم، الصلاة، السجود، الحج، الركوع) على معانيها اللغوية.

واستطاع علماؤنا – استنادًا إلى هذه الظاهرة اللغوية – الدفاع عن “الاجتهاد والتقليد” على الرغم من وجود الذم في جملة من الروايات، حيث ذكروا ما خلاصته أن معنى “الاجتهاد المذموم” يختلف عن معنى “الاجتهاد” الذي يتبناه أتباع مدرسة أهل البيت (ع) (راجع الحلقة الأولى من دروس في علم الأصول، وعنوان “جواز عملية الاستنباط”، وكذلك “المعالم الجديدة للأصول” للسيد محمد باقر الصدر، تحت نفس العنوان، ص22).

وهنا نقول أيضًا : إن “التصوف المذموم” غير “التصوف” الذي تبناه بعض علمائنا كالسيد حيدر الآملي، والذي عدّه باطن التشيع – كما ذكرنا فيما سبق.

وهذا ما التفت إليه السيد حيدر الآملي، فقال في “جامع الأسرار”، ج1، ص43-44:

“وإن قلت: سلّمنا أن «المؤمن الممتحن» هو صاحب هذه الأسرار، وهو أعلى مرتبة من «المؤمن غير الممتحن»؛ لكن، لم قلت إنه صوفي؟ لأنك إذا سلّمت أن هناك طائفة مخصوصة – وهم حاملو أسرار الأئمة، وأنت غيرهم وهم غيرك – فهذا القدر يكفينا في إثبات دعواانا، لأننا ما نريد غير هذا.
فحينئذ، إن ثقل عليك إطلاق اسم الصوفي عليهم، فبأي اسم شئت سمّهم، لأن المضايقة (يعني الخلاف الحقيقي) ليس في الاسم فقط، بل في المسمّى الذي هو المعنى المخصوص والسرّ المعلوم، أي: معنى التوحيد وسرّ الوجود.”

ثم يسترسل السيد حيدر الآملي في بيان معنى “الصوفي”، فيقول في ج1، ص44-45:

“ومع ذلك، لو عرفت معنى التصوف وسبب تسميتهم بهذا الاسم، لما وجدت موجبة للإنكار. التصوف هو: سلوك طريق الله، ومجاهدات النفس، وترك اللذات الدنيوية والأخروية، والرجوع إلى الفناء، وترك إضافة شيء إلى النفس، وغير ذلك من الأوصاف الحميدة والأخلاق الجميلة.
والكلام الوارد في معنى التصوف وأهله كثير، وهو لا يخفى على الأذكياء فيه.
(فمن ذلك) قولهم: «الصوفي من لا يخالف ظاهره أحكام الشريعة، ويطالب باطنه بحقائق الحقيقة؛ لا يكون له شيء، ولا يدّخر شيئًا لشيء، ولا يسأل غير الضرورة شيئًا من الأشياء، ولا يكون معه شيء يعطي أحدًا منه شيئًا». وقولهم: «الصوفي من عاش في الدنيا من غير مشغلة، ودخل القيامة من غير مطالبة، وكفى مولاه من غير وحشة».”

ثم بين في ج1، ص47-48 أن هناك من ينسب إلى الصوفية وليس منهم، بقوله:

“وأما الجماعة التي شاركت الصوفية في الاسم وليس منهم في الحقيقة، والناس يشنّعون عليهم بواسطتها، فسيُبيّن ذلك في موضعه، وهو عند بيان الفرق بين «العلوم الكسبية والوراثية» من القاعدة الثانية من الأصل الثالث. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.”

وبالنظر إلى ما تقدم من وجود معنيين للصوفي :

  1. من لا يخالف ظاهره أحكام الشريعة، ويطالب باطنه بحقائق الحقيقة؛ لا يكون له شيء، ولا يدّخر شيئًا لشيء، ولا يسأل غير الضرورة شيئًا من الأشياء، ولا يكون معه شيء يعطي أحدًا منه شيئًا.
  2. من يشارك الصوفية بالاسم وليس منهم في الحقيقة، وهذا المعنى الثاني هو الذي ذمّته الرواية المتقدمة، وأعطت وصفه.

فتكون الرواية المتقدمة مفسرة للمراد من “الصوفي” في جميع الروايات الذامة. فالصوفية المذمومون هم :

  1. زهدهم لم يكن حقيقيًا، وإنما لإراحة أبدانهم.
  2. تهجدهم في الليل لم يكن نسكًا وإخلاصًا في طاعة الله، وإنما وسيلة لصيد أموال الناس وإغوائهم.
  3. لا يهللون إلا لغرور الناس.
  4. أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنّم والتغنية.

ثم يتابع صاحب المقال نقل الروايات :

“وعن الإمام الرضا (ع) أنه قال: «من ذُكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه، فليس منا، ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله». مستدرك الوسائل، ج12، ص323.
وبعد هذا لا يمكن للإمامي أن يمتدح التصوف والمتصوفة ويروّج لهما؟!”

أقول :
يبدو أن الكاتب يحكم بأن جملة من أعلام الطائفة ليسوا من الإمامية، بناءً على ما ذكره أخيرًا: “بعد هذا لا يمكن للإمامي أن يمتدح التصوف والمتصوفة ويروّج لهما”!!

والآن سأنقل كلمات الشهيد القاضي نور الله التستري في كتابه “إحقاق الحق وإزهاق الباطل” ليتضح أن الخلاف في تشيع ابن عربي لم يكن من فراغ، وأن الموقف منه يحتاج إلى تدقيق وبحث، وتشخيص علو منزلته وعدمها لا يكون إلا بالتروي والتعمق في فهم فن العرفان أو الرجوع إلى أهل الفن. فلا مبرر للهجمة الشعواء التي قامت بها “إكسير الحكمة”، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الجزء 28، صفحة 657:
“ومنهم العلامة العارف الشيخ محيي الدين ابن العربي في «المناقب» المطبوع في آخر «وسيلة الخادم إلى المخدوم» للشيخ فضل الله بن روبها الأصفهاني (ص296 ط قم) قال:
وعلى السر الإلهي والرائي للحقائق كما هي النور اللاهوتي والإنسان الجبروتي والأصل الملكوتي والعالم الناسوتي مصداق معلم المطلق والشاهد الغيبي المحقق، روح الأرواح وحياة الأشباح، هندسة الموجود الطيار في المنشئات الوجود كهف النفوس القدسية، غوث الأقطاب الإنسية، الحجة القاطعة الربانية، محقق الحقائق الإمكانية، أزل الأبديات وأبد الأزليات، الكنز الغيبي والكتاب اللاريبي، قرآن المجملات الأحدية وفرقان المفصلات الواحدية، إمام الورى، بدر الدجى أبي محمد علي بن موسى الرضا عليه السلام.”

الجزء 29، صفحة 76:
“ومنهم العلامة العارف الشيخ محيي الدين ابن العربي في «المناقب» المطبوع في آخر «وسيلة الخادم» الآتي للشيخ فضل الله بن روزبهان (ص297 ط قم) قال:
وعلى البحر الزاخر زين المآثر والمفاخر الشاهد لأرباب الشهود والحجة على ذوي الجحود معرّف حدود حقايق الربانية متنوع أجناس عوالم السبحانية عنقاء قاف القدم طاووس روضة الفضل والكرم العالم بما جرى به اللوح والقلم القائم مرقاة الهمم وعاء الأمانة ومحيط الأمة مطلع النور المصطفوي الحسن بن علي العسكري عليه السلام.”

الجزء 28، صفحة 299:
“ومنها كلام العارف الشيخ محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي في «المناقب» المطبوع في آخر «شرح چهارده معصوم» للعلامة فضل الله بن روزبهان الأصفهاني الآتي ذكره (ص295 ط قم) قال:
وعلى باقر العلوم وشخص العالم والمعلوم ناطقة الوجود نسخة الموجود ضرغام آجام المعارف المنكشف لكل كاشف الحياة السارية في المجاري النور المنبسطة على الدراري حافظ معارج اليقين وارث علوم المرسلين حقيقة الحقائق الظهورية دقيقة الدقائق النورية الفلك الجارية في اللجج الغامرة والمحيط علمه بالزبر الغابرة النبأ العظيم الصراط المستقيم المستند من كل ولي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام.”

الجزء 28، صفحة 508:
ومنها قول ابن العربي :
وهو العارف الشيخ محيي الدين ابن العربي في «المناقب» المطبوع بآخر «شرح چهارده معصوم» للشيخ فضل الله ابن روزبهان (ص295) قال:
وعلى أستاد العالم وسيد الوجود مرتقى المعارج ومنتهى الصعود البحر المواج الأزلي السراج الوهاج الأبدي ناقد خزائن المعارف والعلوم محتد العقول ونهاية الفهوم معلم علوم الأسماء دليل طرق السماء الكون الجامع الحقيقي والعروة الوثقى الوثيقي برزخ البرازخ وجامع الأضداد نور الله بالهداية والإرشاد المستمع القرآن من قائله الكاشف لأسراره ومسائله مطلع الشمس الأبد جعفر بن محمد عليه صلوات الله الملك الأحد.”

جزء 33، صفحة 907:
“فمنهم الشيخ العارف محيي الدين محمد بن علي المالكي المشهور بابن العربي المتوفى سنة 638 ه في «المناقب» المطبوع في آخر «شرح صلوات چهارده معصوم» (ص293) للشيخ فضل الله بن روزبهان الأصفهاني المتوفى 927 ه – قال ابن العربي:
و على سر السرائر العلية و خفي الأرواح القدسية معراج العقول موصل الأصول قطب رحى الوجود مركز دائرة الشهود كمال النشأة و منشأ الكمال جمال الجميع و مجمع الجمال الوجود المعلوم و العلم الموجود السائل نحوه الثابت في الابود المحاذي للمرآة المصطفوية و المتحقق بالأسرار المرتضوية و المترشح بأنوار الالهية و المربي بالأسرار الربوبية الحقائق الوجودية قسّام الدقايق الشهودية الاسم الأعظم الالهي الحاوي للنشأة الغير المتناهي غواص يم الرحمانية مسلك آية الرحمية طور تجلى الالوهية نار شجرة الناسوتية ناموس اللّه الأكبر غاية البشر أب الوقت مولى الزمان الذي للخلق أمان ناظم مناظم السر و العلن أبي القاسم م ح م د بن الحسن صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين.”

جزء 28، صفحة 570:
“ومنهم العارف الشيخ محيي الدين ابن العربي في «المناقب» المطبوع بآخر «وسيلة الخادم إلى المخدوم» للشيخ فضل الله الأصفهاني الآتي (ص296 ط قم) قال:
وعلى شجرة الطور، والكتاب المسطور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والسر المستور، والرق المنشور، والبحر المسجور، وآية النور، كليم أيمن الإمامة، منشأ الشرف والكرامة، نور مصباح الأرواح، جلاء زجاجة الأشباح، ماء التخمير الأربعيني، غاية معارج اليقيني، إكسير فلزات العرفاء، معيار نقود الأصفياء، مركز الأئمة العلوية، محور فلك المصطفوية، الآمر للصور والأشكال بقبول الاصطبار والانتقال، النور الأنور أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليه صلوات اللّه الملك الأكبر.”


خاتمة :
الشيخ مصطفى الأنصاري لم يخرج عن منهج الطائفة، بل سار على خطى كبار علمائها، واتخذ من الحكمة والتفكر طريقًا للهداية. ومن يهاجمه، عليه أن يراجع مواقفه، ويُعيد النظر في فهمه للتصوف، وللعرفان، وللولاية. فليس كل من ذُكر في كتب الصوفية كافرًا، ولا كل من مدح عالمًا صوفيًا قد خرج عن الملة. والردّ يجب أن يكون بالعلم، لا بالتشويه.

والله المستعان.

بقلم / من ذاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى